الأحد، 31 يوليو 2016

الإثمد في السنة النبوية وفي الأبحاث العلمية


تعريف الإثمد

الإِثْمِدُ، بالكسر: حَجَرٌ للكُحْلِ.([1])
الإِثْمِدُ حجر يتخذ منه الكحْل وقيل ضرب من الكحل وقيل هو نفس الكحل.([2])
الاثمد: حجر يكتحل به.([3])
وهو حجر معروف أسود يضرب إلى الحمرة يكون في بلاد الحجاز وأجوده يؤتى به من أصبهان.([4])
والإثمد: هو دواء معدني أجوده المصفح([5]) البراق القليل الترابية والكبريتية السريع التفتيت، مزاجه بارد يابس مجفف يقوي شعر الأجفان ويلحم القروح ويقوي العين ويحفظ صحتها.([6])

الأحاديث الواردة في الإثمد

نْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ خَيْرَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ: اللَّدُودُ، وَالسَّعُوطُ، وَالحِجَامَةُ، وَالمَشِيُّ، وَخَيْرُ مَا اكْتَحَلْتُمْ بِهِ الإِثْمِدُ، فَإِنَّهُ يَجْلُو البَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ»، «وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ بِهَا عِنْدَ النَّوْمِ ثَلَاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ» ([7]).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «خَيْرُ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ عِنْدَ النَّوْمِ، يُنْبِتُ الشَّعْرَ، وَيَجْلُو الْبَصَرَ».([8])
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «عليكم بالإثمد فإنه ينبت الشعر ويجلو البصر».([9]
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ».([10])
وعن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: «عليكم بالإثمد فإنه منبتة الشعر مذهبة للقذى مصفاة للبصر». ([11])
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رضي الله عنه- أَنَّهُ «كَانَ يَكْتَحِلُ وَهُوَ صَائِمٌ».([12])
وعن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْذَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ أَمَرَ بِالإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ: «لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ».([13])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِر، وَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ».([14])

شرح أحاديث الإثمد.

«فإنه يجلو البصر» من الجلاء أي يحسن النظر ويزيد نور العين وينظف الباصرة لدفع المواد الرديئة النازلة إليها من الرأس «وينبت» من الإنبات «الشعر» والمراد بالشعر هنا الهدب، وهو الذي ينبت على أشفار العين([15]
«أَنَّهُ أَمَرَ بِالإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ ».
«المروح» أي المطيب بنحو مسك كأنه جعل له رائحة بعد أن لم تكن، «فإنه يجلو البصر» أي يزيد نور العين، «وينبت الشعر» أي شعر الأهداب جمع هدب وإنبات شعرها مرمة للعين لأن الإشعار ستر الناظر ولولاها لم يقو الناظر على النظر، فإنما يعمل ناظر العين من تحت الشعر فالكحل ينبته وهو مرمته، وأما جلاء البصر فإنه يذهب بغشاوته وما يتحلب من الماق ومن فضول الدموع والبلة طبيعية ينشفه الإثمد ويمنع الغشاء والغين عن الحدقة.([16])
يقول ابن القيم في شرحه للحديث «مَنْ اكْتَحَلَ فلْيُوتِرْ»، فهل الوترُ بالنسبة إلى العينين كلتيهما، فيكون في هذه ثلاث، وفى هذه ثنتان، واليُمنى أولى بالابتداء والتفضيل، أو هو بالنسبة إلى كُلِّ عَيْن، فيكون في هذه ثلاث، وفى هذه ثلاث، وهما قولان في مذهب أحمد وغيره. ([17])
ويقول وفى الكُحْلِ حفظ لصحة العَيْن، وتقويةٌ للنور الباصر، وجِلاءٌ لها، وتلطيفٌ للمادة الرديئة، واستخراجٌ لها مع الزينة في بعض أنواعه، وله عند النوم مزيدُ فضل لاشتمالها على الكُحْلِ، وسكونها عقيبه عن الحركة المضرة بها، وخدمةِ الطبيعة لها، وللإثْمد مِن ذلك خاصيَّة.([18])
ويقول عنه ابن سينا: إثمد يحفظ صحة العين ويذهب وسخ قروحها.([19]
وقال عنه العلامة الطبيب الشيخ عبد اللطيف البغدادي([20]) الإثمد ينبت الهدب ويحسن العيون ويحببها إلى القلوب،([21]) وقال الكحال بن طرخان([22]): وهو أجود أكحال العين لاسيما للمشايخ والذين قد ضعفت أبصارهم إذا جعل معه شيء من المسك.([23])

ثمرة الأحاديث والشرح.

- خير ما يكتحل به الإثمد فإنه يجلوا البصر وينبت الشعر.
- خير الأكحال الإثمد عند النوم.
- أن الإثمد مذهب للقذى مصفي للبصر.
- أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأوصى بالإثمد عند النوم وأمر بالإثمد المروح عند النوم.

الاكتشافات العلمية ووجه الإعجاز العلمي في النص النبوي.

يوجد للإثمد مركبات عضوية كالأنتومالين والفؤادين والغلوكانتيم، وأخرى معدنية مثل طرطرات الإثمد والبوتاسيوم، وله خصائص دوائية عديدة من مقشعة ومقيئة كما تصنع منها بعض المراهم الجلدية، كما يؤثر على زمر جرثومية كثيرة ويبيد العديد من الطفيليات كاللايشمانيا والبلهارسيا والمثقبيات والخيطيات ويستعمل في بريطانيا لمعالجة البلهارسيا.([24])
جلاء البصر بالإثمد إنما يتم بتأثيره على زمر جرثومية متعددة وبذلك يحفظ العين وصحتها، إذ أن آفات العين التهابية جرثومية وعندما تسلم الملتحمة من الاحتقان يمكن أن يكون البصر جيداً. ويقول إن إنباته للشعر ثابت علمياً، إذ أن من خصائص الإثمد الدوائية تأثيره على البشرة والأدمة فينبه جذر الشعرة ويكون عاملاً في نموها، لذا يستعملون مركباه (طرطرات الإثمد والبوتاسيوم) لمعالجة بعض السعفات والصلع، تطبق على شكل مرهم بنسبة 32% وهذه الفائدة في إنبات الشعر تنفع العين أيضاً لأنها تساعد على نمو الأهداب التي تحفظ العين وتزيد في جمالها.([25])
ويحتاج هذا الموضوع للمزيد من الأبحاث والتجارب لمحاولة الاستفادة من الإشارات النبوية، ومحاولة معرفة الطريقة المثلى للعلاج بالاستفادة من الأبحاث العلمية المختلفة.

([1]) القاموس المحيط (ص: 270). 
([2]) لسان العرب (3/ 105). 
([3]) الصحاح في اللغة (2/ 451). 
([4]) تحفة الأحوذي (5/ 365). 
([5]) ذو الصفائح. 
([6]) الكافي في الكحل، خليفة بن أبي المحاسن الحلبي، 439، 440. 
([7]) سنن الترمذي ت شاكر (4/ 388)، برقم:2048، أبواب الطب، باب ما جاء في السعوط وغيره، والحديث في سنن ابن ماجه (2/ 1157)، برقم:3499، كتاب الطب، باب من اكتحل وتراً مع تغير في بعض الألفاظ. 
([8]) صحيح ابن حبان -مخرجاً (13/ 436) برقم:6072، وهو في مسند أحمد -الرسالة - (4/282) برقم:2479، وفي مسند أبي يعلى - (5 / 113)، برقم:2727، وفي سنن ابن ماجه - (2 / 1156)، برقم:3496،. والحديث في مسند البزار = البحر الزخار (15/ 299)، برقم: 8811، من دون لفظة عند النوم من حديث أبي هريرة وقال فيه الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 161) رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. 
([9]) المستدرك على الصحيحين للحاكم مع تعليقات الذهبي في التلخيص (4/ 230)، برقم: 7462، قال عنه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، تعليق الذهبي في التلخيص: صحيح. وفي سنن ابن ماجه - (2 / 1156)، برقم:3496، وهو بزيادة عند النوم، كتاب الطب، باب الكحل بالإثمد. 
([10]) سنن أبى داود-ن (4/ 9)، برقم:3880، الطب، باب في الأمر بالكحل، وفي صحيح ابن حبان - (12 / 242)، برقم: 5423. 
قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (5/ 96): رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عون بن محمد بن الحنفية، ذكره ابن أبي حاتم، وروى عنه جماعة، ولم يجرحه أحد، وبقية رجاله ثقات. 
([12]) سنن أبى داود -(2 / 283)، برقم: 2380، الصوم، باب في الكحل عند النوم للصائم، وقال عنه ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية (1/ 281)، مَوْقُوف وَإِسْنَاده حسن. 
([13]) سنن أبى داود -(2 / 282)، برقم: 2379، الصوم، باب في الكحل عند النوم للصائم. قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ لي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ يَعْنِى حَدِيثَ الْكَحْلِ، وفي مسند أحمد - الرسالة - (25 / 247)، برقم:15906، وفي شرح السنة للبغوي - (6 / 297) وجاء في تحفة الأحوذي (3/ 348) ورد "هذا الأثر سكت عنه أبو داود والمنذري واستدل لهم بأحاديث الباب وهي بمجموعها تصلح للاحتجاج على جواز الاكتحال للصائم وليس في كراهته حديث صحيح فالراجح هو القول بالجواز من غير كراهة والله تعالى أعلم". 
([14]) مسند أحمد -الرسالة (14/ 432)، برقم: 8838، وفي مسند أحمد (14/ 263)، برقم: 8612، بلفظ: «إِذَا اكْتَحَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْتَحِلْ وِتْرًا»، وقال فيه الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 162) رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات، وهو في سنن أبى داود-ن (1/ 13)، برقم:35، الطهارة، باب الاستتار في الخلاء. 
([15]) تحفة الأحوذي (5/ 365) بتصرف. 
([16]) فيض القدير (2/ 100). 
([17]) زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 281). 
([18]) المرجع السابق(4/ 281).. 
([19]) القانون في الطب (1/ 356). 
([20]) موفق الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد اللَّطِيف بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي سعد وَيعرف بِابْن اللباد، موصلي الأَصْل بغدادي المولد، ( 557ه-629ه )كَانَ مَشْهُورا بالعلوم متحلياً بالفضائل مليح الْعبارَة كثير التصنيف، َكَانَ متميزا فِي النَّحْو واللغة الْعَرَبيَّة عَارِفًا بِعلم الْكَلَام والطب. انظر: عيون الأنباء في طبقات الأطباء (ص: 683) 
([21]) الطب من الكتاب والسنة، موفق الدين عبد اللطيف البغدادي،61. 
([22]) علي بن عبد الكريم بن طرخان ابن تقي الحموري الصفدي، (650 -720 هـ = 1252 -1320م) علاء الدين طبيب كحال. شارك في الأدب وكان وكيل بيت المال في صفد (بفلسطين) له تصانيف، منها " القانون في أمراض العيون " و" الاحكام النبوية في الصناعة الطبية -ط " عاش نحو 70 عاما. انظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (4/ 84)، الأعلام للزركلي (4/ 302) 
([23]) الطب النبوي والعلم الحديث، د. محمد ناظم النسيمي، 3/278. 
([24]) موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، اكتحلوا بالإثمد، د. محمد نزار الدقر على هذا الرابط http://www.quran-m.com/
([25]) الإثمد، مجلة حضارة الإسلام ـ المجلد 11 العدد 5 لعام 1970م، مقال: د. حسن هويدي.

هناك تعليق واحد

جميع الحقوق محفوظة لــ الطب النبوي والطب البديل والإعجاز العلمي 2015 ©