الأحاديث الواردة في الحجامة وشرحها وتحقيقها وثمرتها، وردت أحاديث متنوعة في الإهتمام بالحجامة وفي الوصية بها في الوقاية والعلاج وأوضحنا بالصور المواضع التي احتجم فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أولا الأحاديث الواردة في الحجامة
عَنْ
أنس - رضي الله عنه - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
يَحْتَجِمُ فِي الأَخْدَعَيْنِ وَالكَاهِلِ، وَكَانَ يَحْتَجِمُ
لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ»: وَفِي
البَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.([1])
وعَنْ
ابْنِ مَسْعُودٍ- رضي الله عنه - قَالَ:
«حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ
أَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ عَلَى مَلَإٍ مِنَ المَلَائِكَةِ إِلَّا أَمَرُوهُ أَنْ مُرْ
أُمَّتَكَ بِالحِجَامَةِ»: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ
مَسْعُودٍ.
([2])
وعن
عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ: كَانَ لِابْنِ
عَبَّاسٍ، غِلْمَةٌ ثَلَاثَةٌ حَجَّامُونَ «فَكَانَ اثْنَانِ مِنْهُمْ يُغِلَّانِ
عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ وَوَاحِدٌ يَحْجُمُهُ وَيَحْجُمُ أَهْلَهُ» قَالَ:
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس رضي الله عنهما: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم-: «نِعْمَ العَبْدُ الحَجَّامُ، يُذْهِبُ
الدَّمَ، وَيُخِفُّ الصُّلْبَ، وَيَجْلُو عَنِ البَصَرِ» وَقَالَ:
" إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- حِينَ عُرِجَ بِهِ مَا مَرَّ عَلَى مَلَإٍ مِنَ
المَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: عَلَيْكَ بِالحِجَامَةِ " وَقَالَ: «إِنَّ خَيْرَ
مَا تَحْتَجِمُونَ فِيهِ يَوْمَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَيَوْمَ تِسْعَ عَشْرَةَ
وَيَوْمَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ» وَقَالَ: «إِنَّ خَيْرَ مَا
تَدَاوَيْتُمْ بِهِ السَّعُوطُ وَاللَّدُودُ وَالحِجَامَةُ وَالمَشِيُّ» وَإِنَّ
رَسُولَ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- لَدَّهُ العَبَّاسُ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم-: «مَنْ لَدَّنِي؟» فَكُلُّهُمْ أَمْسَكُوا، فَقَالَ:
لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ فِي البَيْتِ إِلَّا لُدَّ غَيْرَ عَمِّهِ العَبَّاسِ
قَالَ عَبْدٌ: قَالَ النَّضْرُ: اللَّدُودُ: الوَجُورُ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ وَفِي
البَابِ عَنْ عَائِشَةَ. ([3])
وعَنْ أَيُّوبَ بْنِ حَسَنِ
بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- قَالَتْ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَطُّ يَشْكُو
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- وَجَعًا فِي رَأْسِهِ إِلَّا
قَالَ: «احْتَجِمْ» وَلَا وَجَعًا فِي رِجْلَيْهِ إِلَّا قَالَ: «اخْضِبْهُمَا
بِالْحِنَّاءِ».([4])
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي
الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ
وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ».([5])
وعن أنس بن مالك - رضي
الله عنه - قال: كان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- «يحتجم على الأخدعين وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع
عشرة وإحدى وعشرين». ([6])
وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال
رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: «إذا اشتد الحر فاستعينوا بالحجامة لا تبيغ دم أحدكم فيقتله».([7])
عن ابن عباس –رضي الله عنهما -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نعم العبد الحجام
يخف الظهر ويجلو البصر».([8])
عن حميد، قال: سئل أنس بن مالك - رضي الله عنه -، عن كسب الحجام؟ فقال:
احتجم رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-، حجمه أبو طيبة، فأمر له بصاعين من طعام، وكلم
أهله، فوضعوا عنه من خراجه، وقال: «إن أفضل ما تداويتم به الحجامة»، أو «هو من
أمثل دوائكم».([9])
عَنِ ابْنِ بُحَيْنَةَ –رضي الله عنه -، قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ
-صلى الله عليه
وسلم-، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ».([10])
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما-، قَالَ: «الشِّفَاءُ فِي
ثَلاَثَةٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى
أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ» رَفَعَ الحَدِيثَ وَرَوَاهُ القُمِّيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ
مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى
الله عليه وسلم-: «فِي العَسَلِ وَالحَجْمِ»([11])
عَنْ أَنَسٍ –رضي الله عنه -: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ
الحَجَّامِ، فَقَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ، وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ
مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ، وَقَالَ: «إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ
الحِجَامَةُ، وَالقُسْطُ البَحْرِيُّ».([12])
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ، مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ
بِهِ».([13])
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله
عنهما -، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ-صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِنْ
كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ
شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ لَذْعَةٍ مِنْ نَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ».([14])
قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم- يَقُولُ:
الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ وَهِيَ تَزِيدُ فِي الْعَقْلِ وَتَزِيدُ فِي
الْحِفْظِ وَتَزِيدُ الْحَافِظَ حِفْظًا فَمَنْ كَانَ مُحْتَجِمًا فَيَوْمَ
الْخَمِيسِ عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ،
وَيَوْمَ السَّبْتِ، وَيَوْمَ الْأَحَد،ِ وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ
وَالثُّلَاثَاءِ، وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ
الْيَوْمُ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ أَيُّوبُ بِالْبَلَاء،ِ وَمَا يَبْدُو جُذَامٌ
وَلَا بَرَصٌ إِلَّا فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ.([15])
قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ
أَمْثَلُ، وَفِيهِ شِفَاءٌ، وَبَرَكَةٌ، وَتَزِيدُ فِي الْعَقْلِ، وَفِي الْحِفْظِ،
فَاحْتَجِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْخَمِيس،ِ وَاجْتَنِبُوا
الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ
تَحَرِّيًا، وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ
الْيَوْمُ الَّذِي عَافَى اللَّهُ فِيهِ أَيُّوبَ مِنْ الْبَلَاءِ وَضَرَبَهُ
بِالْبَلَاءِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَبْدُو جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ
إِلَّا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ.([16])
عن ابن عمر - رضي الله
عنهما - قال
نافع: قال لي ابن عمر: ابغني حجاماً لا يكون غلاما صغيراً ولا شيخا ًكبيراً فإن
الدم قد تبيغ بي وإني سمعت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- يقول: الحجامة تزيد في العقل وتزيد في الحفظ فعلى اسم الله يوم
الخميس لا تحتجموا يوم الجمعة ولا يوم السبت ولا يوم الأحد واحتجموا يوم الاثنين
والثلاثاء وما نزل جذام ولا برص إلا في ليلة الأربعاء. ([17])
عن أنس - رضي الله عنه -: أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به.([18])
عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه
وسلم- احْتَجَمَ عَلَى وَرِكِهِ مِنْ
وَثْءٍ كَانَ بِهِ.([19])
عن مالك انه بلغه ان النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن كان دواء يبلغ الداء فإن الحجامة تبلغه».([20])
عن أبى كبشة الأنمارى - رضي
الله عنه - قال كثير إنه حدثه - أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَحْتَجِمُ عَلَى
هَامَتِهِ، وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ أَهْرَاقَ مِنْ هَذِهِ
الدِّمَاءِ، فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَتَدَاوَى بِشَيْءٍ لِشَيْءٍ»([21]).
شرح أحاديث الحجامة.
الأَخْدَعانِ: عِرْقان
خَفِيّانِ في موضع الحِجامة من العُنق،([22]) والكاهِلُ ما بَيْنَ
الكَتِفَيْنِ.([23])
الأخدعان: عرقان في جانبي
العنق يحجم منه، والكاهل: ما بين الكتفين وهو مقدم الظهر.([24])
والسعوط: هو أن يستلقي على ظهره ويجعل بين كتفيه ما يرفعهما لينحدر برأسه
ويقطر في أنفه ماء أو دهن فيه دواء مفرد أو مركب ليتمكن بذلك من الوصول إلى دماغه
لاستخراج ما فيه من الداء بالعطاس، «واللدود» بفتح اللام هو الدواء الذي يصب في
أحد جانبي فم المريض ويسقاه أو يدخل هناك بأصبع وغيرها ويحنك به، و«الحجامة» بكسر
أوله بمعنى الاحتجام، «والمشي» بفتح فكسر فتشديد تحتية، وهو ما يؤكل أو يشرب
لإطلاق البطن، وإنما سمي الدواء المسهل مشيا لأنه يحمل شاربه على المشي والتردد
إلى الخلاء.([25])
«إذا اشتدّ الحرّ فاستعينوا» على دفع أذاه «بالحجامة» لغلبة الدم حينئذ «لا
يتبيغ الدم» أي لئلا يهيج «بأحدكم فيقتله» وهذا حث على التداوي. ([26])
«أمثل ما تداويتم به» أي: أنفعه
وأفضله. ([29])
«احْتَجَمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ».([30])
«في ثلاثة» أي الشفاء يحصل
بأحد ثلاثة أنواع من الأدوية، قال العيني: لم يرد النبي -صلى الله عليه وسلم-الحصر في الثلاثة فإن الشفاء قد يكون في غيرها، وإنما
نبّه بهذه الثلاثة على أصول العلاج.([34])«محجم» سبق توضيحها في التعريف.
«إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ، وَالقُسْطُ
البَحْرِيُّ».([35]) وقال الذهبي معلقاً على هذا
الحديث: وفي جمعه ص بين الحجامة والقسط سر
لطيف، وهو أنه إذا طلي به شرط الحجامة لم يتخلف في الجلد المشاريط، وهذا من غرائب
الطب، فإن هذه الآثار إذا بقيت في الجلد قد يتوهم من يراها أنها برصٌ أو بهقٌ،
والطباع تنفر من مثل هذه الآثار، فحيث علم ذلك ذكر مع الحجامة ما يؤمن من ذلك.([36])
«احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ، مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ».([37])
«شقيقة» الشَّقِيقَةُ وجع يأخذ نصف الرأس.([38])
الشقيقة: ألم في أحد شقي الرأس. ([39])
«إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي شَرْبَةِ
عَسَلٍ، أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ لَذْعَةٍ مِنْ نَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ
أَكْتَوِيَ».([40])
جاء في فتح الباري في شرح حديث
الحجامة: قال الخطابي: انتظم هذا الحديث على جملة ما يتداوى به الناس، وذلك أن الحجم
يستفرغ الدم وهو أعظم الأخلاط، والحجم أنجحها شفاء عند هيجان الدم، ولم يرد النبي -صلى
الله عليه وسلم-الحصر في الثلاثة فإن الشفاء قد
يكون في غيرها، وإنما نبه بها على أصول العلاج، وذلك أن الأمراض الامتلائية تكون
دموية وصفراوية وبلغميه وسوداوية، وشفاء الدموية بإخراج الدم، وإنما خص الحجم
بالذكر لكثرة استعمال العرب والفهم له بخلاف الفصد.. وقد قيل إن المراد بالشفاء في
هذا الحديث الشفاء من أحد قسمي المرض؛ لأن الأمراض كلها إما مادية أو غيرها،
والمادية كما تقدم حارة وباردة وكل منهما وإن انقسم إلى رطبة ويابسة ومركبة،
فالأصل الحرارة والبرودة وما عداهما ينفعل من إحداهما، فنبه بالخبر على أصل
المعالجة بضرب من المثال، فالحارة تعالج بإخراج الدم لما فيه من استفراغ المادة
وتبريد المزاج، والباردة بتناول العسل لما فيه من التسخين والإنضاج والتقطيع،
والتلطيف والجلاء والتليين، فيحصل بذلك استفراغ المادة برفق.
([41])
وقال النووي: "وفي الأحاديث إباحة نفس الحجامة وأنها من أفضل الأدوية "([44]).
« الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ
أَمْثَلُ وَهِيَ تَزِيدُ فِي الْعَقْلِ وَتَزِيدُ فِي الْحِفْظِ وَتَزِيدُ
الْحَافِظَ حِفْظًا فَمَنْ كَانَ مُحْتَجِمًا فَيَوْمَ الْخَمِيسِ عَلَى اسْمِ
اللَّهِ، وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ السَّبْتِ،
وَيَوْمَ الْأَحَد،ِ وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ،
وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي
أُصِيبَ فِيهِ أَيُّوبُ بِالْبَلَاء،ِ وَمَا يَبْدُو جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ إِلَّا
فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ.»([47])
« الْحِجَامَةُ عَلَى الرِّيقِ أَمْثَلُ، وَفِيهِ
شِفَاءٌ، وَبَرَكَةٌ، وَتَزِيدُ فِي الْعَقْلِ، وَفِي الْحِفْظِ، فَاحْتَجِمُوا
عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْخَمِيس،ِ وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ
وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ تَحَرِّيًا، وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ
الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي عَافَى اللَّهُ فِيهِ
أَيُّوبَ مِنْ الْبَلَاءِ وَضَرَبَهُ بِالْبَلَاءِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ
فَإِنَّهُ لَا يَبْدُو جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ إِلَّا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ
لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ».([48])
«الحجامة تزيد في العقل وتزيد في
الحفظ فعلى اسم الله يوم الخميس لا تحتجموا يوم الجمعة ولا يوم السبت ولا يوم
الأحد واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء وما نزل جذام ولا برص إلا في ليلة الأربعاء».
([49])
«وَهِيَ» : أَيِ الْحِجَامَةُ
الْمُطْلَقَةُ أَوِ الْمُقَيَّدَةُ «تَزِيدُ فِي الْعَقْلِ، وَتَزِيدُ فِي
الْحِفْظِ» أَيْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ حَافِظًا لِقَوْلِهِ «وَتَزِيدُ الْحَافِظَ
حِفْظًا» أَيْ كَمَالُ الْحِفْظِ «فَمَنْ كَانَ مُحْتَجِمًا» : أَيْ مُرِيدًا
لِلْحِجَامَةِ «فَيَوْمَ الْخَمِيسِ» : أَيْ فَلْيَخْتَرْهُ أَوْ فَلْيَحْتَجِمْ
فِيهِ «عَلَى اسْمِ اللَّهِ» : أَيْ عَلَى ذِكْرِهِ وَطَلَبِ بَرَكَتِهِ «وَاجْتَنِبُوا
الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ»، «فَاحْتَجِمُوا»
: الْفَاءُ بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَوِ التَّقْدِيرُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ
فَاحْتَجِمُوا «يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ» وَهُوَ تَصْرِيحٌ
بِمَا عُلِمَ ضِمْنًا، وَلَعَلَّ الْخَمِيسَ سَقَطَ مِنَ الرَّاوِي وَتَوْطِئَةً
لِقَوْلِهِ: «وَاجْتَنِبُوا الْحِجَامَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ» : وَفِيهِ
تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْمَفْهُومِ، لَا سِيَّمَا مَعَ
الْمَنْطُوقِ «فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي أُصِيبَ بِهِ» : أَوْ أُوقِعَ فِيهِ «أَيُّوبُ
فِي الْبَلَاءِ» : الظَّاهِرُ أَنَّ سَبَبَ إِصَابَتِهِ الْبَلَاءَ حِجَامَتُهُ
فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَسْبَابًا أُخَرَ،
وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَتِهَا أَوْ إِشْعَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ
وَقْتُ الْعِتَابِ لِبَعْضِ الْأَحِبَّاءِ، كَمَا وَقَعَ زَمَانُ الْعِقَابِ لِبَعْضِ
الْأَعْدَاءِ. قَالَ تَعَالَى: ﭽ ﯓ ﯔ
ﯕ ﯖ ﭼ [القمر: 19] وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: «وَمَا
يَبْدُو» : أَيْ مَا يَظْهَرُ «جُذَامٌ وَلَا بَرَصٌ إِلَّا فِي يَوْمِ
الْأَرْبِعَاءِ أَوْ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ» : أَيْ لِخَاصِّيَّةٍ زَمَانِيَّةٍ
لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا خَالِقُهَا، وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ.
([52])
«احْتَجَمَ عَلَى وَرِكِهِ مِنْ وَثْءٍ كَانَ بِهِ».
([53])
"الْوَرِكُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ كَكَتِفِ
مَا فَوْقَ الْفَخْذِ «مِنْ وَثْءٍ» بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ
فَهَمْزٌ أَيْ: مِنْ أَجْلِ وَجَعٍ يُصِيبُ الْعُضْوَ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ".([54])
- أحد أصول العلاجات التي أخبر
عنها الرسول -صلى
الله عليه وسلم- الحجامة وهي من أفضل وأنفع ما يتداوى به، وقد أوصى الرسول -صلى
الله عليه وسلم- بالحجامة وهي حديث الملائكة للرسول -صلى
الله عليه وسلم- بأن يوصي بالحجامة أمته.
-
كان الرسول -صلى
الله عليه وسلم- يحتجم في الأخدعين والكاهل وَكَانَ
يَحْتَجِمُ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ.
-
احتجم الرسول -صلى
الله عليه وسلم- على ظهر القدم وعلى وركه من أوجاع كانت به.
-
الحَجَّامُ، يُذْهِبُ
الدَّمَ، وَيُخِفُّ الصُّلْبَ، وَيَجْلُو عَنِ البَصَرِ.
-
خَيْرَ أيام
الحجامة يَوْمَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَيَوْمَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَيَوْمَ إِحْدَى
وَعِشْرِينَ.
-
مَنِ احْتَجَمَ
لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ
دَاءٍ.
- إذا اشتد الحر فاستعينوا بالحجامة لا يتبيغ دم أحدكم فيقتله، لفظة الحديث تشير إلى أن
للحر علاقة بتبيغ الدم.
-
احْتَجَمَ
النَّبِيُّ -صلى
الله عليه وسلم-، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيِ
جَمَلٍ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ والسبب لشقيقة كانت به.
- ورد في تعيين أيام الحجامة
وفيه فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء واجتنبوا
الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت والأحد، ونقل الخلال عن أحمد أنه كره الحجامة
في الأيام المذكورة.
-
الحجامة على الريق أفضل.
-
الحجامة المطلقة أو المقيدة تزيد في العقل وتزيد
في الحفظ.
تكون
الحجامة على اسم الله وطلب بركته.
([2]) سنن الترمذي ت شاكر (4/ 390)، برقم:2052، أبواب
الطب، باب ما جاء في الحجامة، وهو في المعجم الأوسط، أبو القاسم سليمان بن أحمد
الطبراني، (3/ 289) برقم:3176،
دار الحرمين، القاهرة، 1415ه، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد، عبد المحسن بن
إبراهيم الحسيني، وهو في سنن ابن ماجه (2/ 1151) برقم:3479، المستدرك على
الصحيحين للحاكم مع تعليقات الذهبي في التلخيص (4/ 233) برقم:7473، بلفظ «ما مررت
بملأ من الملائكة ليلة أسري إلا قالوا عليك بالحجامة يا محمد»، هذا حديث صحيح
الإسناد ولم يخرجاه، تعليق الذهبي في التلخيص: صحيح، وقال البوصيري في مصباح
الزجاجة في زوائد ابن ماجه (4/ 61) حدثنا جبارة بن المغلس ثنا كثير بن سليم سمعت
أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مررت ليلة أسري بي بملأ إلا
قالوا يا محمد مر أمتك بالحجامة هذا إسناد ضعيف لضعف كثير وجبارة وله شاهد من حديث
ابن مسعود رواه الترمذي ورواه الحاكم والترمذي من حديث ابن عباس ورواه البزار في
مسنده من حديث ابن عمر، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 150) وعن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ما مررت
بسماء من السماوات إلا قالت الملائكة : يا محمد مر أمتك بالحجامة والكسب والشونيز»
رواه البزار وفيه عطاف بن خالد وهو ثقة
وتكلم فيه.
([5]) سنن أبى داود (4/ 3) برقم: 3863، كتاب الطب، باب
متى تستحب الحجامة، قال عنه الألباني حسن، قال عنه النووي في المجموع شرح المهذب
(9/ 62) رواه أبو داود بإسناد حسن على شرط مسلم، وقال عنه ابن حجر في فتح الباري
لابن حجر (10/ 150) وورد في عدد من الشهر أحاديث منها ما أخرجه أبو داود من أبي
هريرة رفعه من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء وهو من
رواية سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن سهيل بن أبي صالح وسعيد وثقه الأكثر ولينه
بعضهم من قبل حفظه، وله شاهد من حديث بن عباس عند أحمد والترمذي ورجاله ثقات لكنه
معلول، وشاهد آخر من حديث أنس عند بن ماجه وسنده ضعيف وهو عند الترمذي من وجه آخر
عن أنس لكن من فعله صلى الله عليه وسلم، وقال عنه النووي في المجموع شرح المهذب
(9/ 62) رواه أبو داود بإسناد حسن على شرط مسلم.
([6]) المستدرك على الصحيحين للحاكم مع تعليقات الذهبي في
التلخيص (4/ 234) برقم: 477، قال عنه الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه، تعليق الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم، وورد في مسند أحمد ت
شاكر (2/ 516) من حديث ابن عباس قال: «احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - في
الأخْدَعَيْن وبين الكتفين» قال عنه الهيثمي مجمع الزوائد (5/ 152) رواه أحمد وفيه
جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثق.
([7]) المستدرك على الصحيحين للحاكم مع تعليقات الذهبي في
التلخيص (4/ 235)، برقم:7482، قال عنه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، تعليق
الذهبي في التلخيص: صحيح، وقال عنه ابن القيسراني: في معرفة التذكرة في الأحاديث
الموضوعة، أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي المعروف بابن القيسراني (ص: 90) سنة
الوفاة 507 هـ، تحقيق الشيخ عماد الدين أحمد حيدر، مؤسسة الكتب الثقافية، 1406 هـ
- 1985م، بيروت، قال عنه: فيه محمد بن القاسم الأسدي كان أحمد يكذبه.
([8]) المستدرك على الصحيحين للحاكم مع تعليقات الذهبي في
التلخيص (4/ 235) برقم: 7483، قال عنه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه،
تعليق الذهبي في التلخيص: صحيح، وهو في سنن ابن ماجه ت الأرنؤوط (4/ 525)، برقم: 3478،
وقال عنه ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ (5/ 2486) رَوَاهُ عباد بن مَنْصُور: عَن
عِكْرِمَة، عَن أبن عَبَّاس. وَعباد ضَعِيف.
([15]) سنن ابن ماجه - (2 / 1154)، برقم: 3488، كتاب الطب،
باب في أي الأيام يحتجم، في الزوائد قال الذهبي في ترجمة عبد الله بن عصمة عن سعيد
بن ميمون مجهول، وكذا قال المزي في التهذيب، وقال ابن حجر في فتح الباري (10/ 149)
ورد في تعيين الأيام للحجامة حديث لابن عمر عند بن ماجه رفعه في أثناء حديث وفيه
فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس .. أخرجه من طريقين ضعيفين وله طريق ثالثة
ضعيفة أيضاً عند الدارقطني في الأفراد وأخرجه بسند جيد عن بن عمر موقوفا ونقل
الخلال عن أحمد أنه كره الحجامة في الأيام المذكورة وإن كان الحديث لم يثبت وحكى
أن رجلا احتجم يوم الأربعاء فأصابه برص.
([17]) المستدرك على الصحيحين للحاكم مع تعليقات الذهبي في
التلخيص (4/ 234)، برقم: 7479، كتاب الطب، وقال عنه الحاكم: رواه هذا الحديث كلهم
ثقات إلا غزال بن محمد فإنه مجهول لا أعرفه بعدالة ولا جرح وقد صح الحديث عن ابن
عمر رضي الله عنهما من قوله من غير مسند ولا متصل، تعليق الذهبي في التلخيص: غزال
بن محمد مجهول.
([18]) صحيح ابن حبان (9/ 267)، برقم: 3952، باب ما يباح
للمحرم وما لا يباح، وهو في سنن أبى داود-ن (2/ 105)، برقم: 1839، كتاب المناسك، باب المحرم يحتجم، قال عنه ابن حجر في فتح
الباري (10/ 154) أخرج أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وصححه بن خزيمة وبن
حبان من طريق معمر عن قتادة عنه قال احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم على
ظهر القدم من وجع كان به ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا داود حكى عن أحمد أن سعيد
بن أبي عروبة رواه عن قتادة فأرسله وسعيد أحفظ من معمر وليست هذه بعلة قادحة
والجمع بين حديثي بن عباس وأنس واضح بالحمل على التعدد أشار إلى ذلك الطبري.
([20]) الموطأ - رواية يحيى الليثي - (2 / 974)، برقم:1755،
كتاب الاستئذان، باب ما جاء في الحجامة وأجرة الحجام، وقال الزرقاني في شرحه
للموطأ (4/ 608) «مَالِكٌ: أَنَّهُ بَلَغَهُ» مِمَّا صَحَّ بِمَعْنَاهُ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: « أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنْ كَانَ دَوَاءً ..» ويؤيد ذلك
حديث البخاري عن ابن عباس مرفوعا: «الشفاء في ثلاث».
ليست هناك تعليقات