طبائع الأدوية:
أشار حذاق الطب القدماء إلى طبائع الأدوية التي تؤدي بدورها إلى أعراض جانبية , فإن الإكثار من دواءٍ ما أو نقصانه يؤدي إلى عدم النتائج المرجوة منه ، وهو العلاج ، ولذا يقول ابن القيم في زاد المعاد : (( قالوا : ولا ينبغي للطبيب أن يولع بسقي الأدوية، فإن الدواء إذا لم يجد داء يحلله، أو وجد داء لا يوافقه، أو وجد ما يوافقه فزادت كميته عليه أو كيفيته تشبث بالصحة ولعب بها ))([1]).
فهذه طبائع الأدوية عندما تؤدى بالطريقة غير المناسبة فتؤدي إلى أنها تلعب بالصحة وتعبث بها.
أما طبائع عمل الأدوية من حيث التركيب فإن القدماء أشاروا إلى طبائعها، وقد عرفوا طبائعها عن طريق الطعم، وعن طريق الرائحة، وعن طريق إيرادها على البدن المعتدل، وقد قسم الأطباء القدماء النباتات الطبية بحسب عملها في الجسم، ومن هذه التقسيمات تقسيم ابن بكلارش([2])أنها:
(( أدوية مسخنة في الدرجة الأولى مثل : الإذخر والبابونج والسنا، ونحو هذه.
أدوية مسخنة في الدرجة الثانية مثل : العسل والزعفران والعنبر والعود والمسك ونحو هذه.
أدوية مسخنة في الدرجة الثالثة مثل : الزنجبيل والقرنفل ونحو ذلك.
أدوية مسخنة في الدرجة الرابعة مثل : الفلفل والخردل ونحو ذلك.
أدوية مبردة في الدرجة الأولى مثل: الورد والشعير ونحو ذلك .
أدوية مبردة من الدرجة الثانية مثل: القثاء والخيار والخس ونحو ذلك.
أدوية مبردة في الدرجة الثالثة مثل : دم الأخوين ونحو هذا.
ومن خواص هذه الأدوية كما جاء أيضا:
أدوية ملطفة مدفئة مثل: الثوم والبصل والحرف والخردل00 .
أدوية محللة للبدن مثل: البابونج والزيت العتيق والقسط00 .
أدوية مقوية الأعضاء مثل: المر والصبر... الخ.
أدوية ملينة مثل: شحم الإوز وشحم الدجاج وشحم الجواميس وشحم الإبل000.
أدوية منقية لسطح البدن ومفتحة وغسالة لوسخ الجراح ووسخ البدن كله مثل: الشعير0
أدوية تولد المني وتهيج شهوة الجماع والباءة مثل: التين والجرجير 000.
أدوية قاطعة للمنى مثل : الخيار والقثاء ))([3]).
أما أطباء اليوم فقد أشارت كلماتهم أن كل الأدوية أو أغلبها لها أعراض جانبيه، فمنها ما يظهر عند تناول الجرعة الدوائية، ومنها ما يظهر بعد الانتهاء من الجرعة، ومنها ما يَظْهَر بعد أشهر، ومنها ما يَظْهَر بعد سنوات ، ومنها ما تظْهَر آثاره الجانبية إذا مزج بدواء آخر فيؤدي إلى ظهور سُمِّيتُه، فهذه طبائع الأدوية. وذكر الأطباء أنه لا يخلو أغلبها من آثارها الجانبية ، وتقل وتكثر بسبب نوعية هذه المواد المصنعة، وقد جاء في كتاب علم الدواء:
(( شهد القرن العشرين كماً هائلاً من الأدوية والمواد الكيماوية التي يستعملها الإنسان لغرض الاستطباب من الأمراض،وبالرغم من أن المقصود من استخدام هذه الأدوية والمواد الكيميائية أصلاً فائدة الإنسان، إلا أنها قد تحدث العديد من الآثار الجانبية من أعراض وأمراض وعاهات وتشوهات ، والتي من أهم أسباب هذه الآثار الجانبية مخالفة أصول العلاج الصحيحة )) ([4])
ولقد كان من المتوقع أن تتراجع الأمراض مع تقدم الثورة العلمية في جميع المجالات خلال هذه العقود المتأخرة من هذا القرن؛ لكن الذي حدث هو العكس، والأعراض والآثار الجانبية لهذه الأدوية ازدادت ووجدت أمراض فتاكة لم تكن موجودة من قبل، والإحصائيات التي تمت عام 1997م في الولايات المتحدة أظهرت : أنه في عام 1995م أفرط حوالي 6مليون أمريكي في تناول العقاقير التي وصفها لهم الأطباء لعلاج حالات القلق، مما تسبب في إدمان غالبيتهم لهذه الأدوية، وفي سنة 1997م تم حجز أكثر من اثنين مليون أمريكي في الأقسام المختلفة بالمستشفيات نتيجة الأضرار الجانبية للأدوية الكيميائية، والإحصائيات العالمية تؤكد أن سوء استخدام الأدوية الكيميائية الموصوفة للمرضى، هي السبب الرابع للوفاة بعد أمراض القلب والسرطان والجلطات المخية([5])..
وبالنظر إلى الكتب المؤلفة في علم الأدوية نجدها تشير إشارة واضحة إلى طبائع هذه الأدوية، فيقسمون الكتب إلى وحدات منها:
الأدوية المؤثرة على الجهاز العصبي الذاتي0
الأدوية المؤثرة على الجهاز القلبي الوعائي0
الأدوية المؤثرة على الجهازالتنفسي0
الأدوية المؤثرة على الجهازالهضمي0
الأدوية المؤثرة على الجلد([6]).
[1]) زاد المعاد لابن القيم: الطب النبوي (4/9).
([2]) ابن بكلارش :هو يونس أو يوسف بن إسحاق بن بكلارش من أكابر علماء الأندلس في صناعة الطب، كان له اعتناء بالغ في صناعة الأدوية المفردة ، وله من الكتب المستعيني، المجدولة في الأدوية المفردة، وله رسالة التبيين والترتيب ولا يزال مفقوداً مات عام 500هـ . انظر: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة(1/501).
([3]) موقع الأندلس للأخبار http://press.arabandalucia.com
نقلاً من كتاب المستعيني أول كتاب مجدول في الأدوية المفردة في الأندلس لابن بكلارش ونسخ المستعيني المخطوطة الموجود- الآن فهي قليلة ولا يعرف منها إلا ثلاث في المكتبات الأوربية ونسخة أخرى في الخزانة العامة في الرباط.والمخطوطة رقم 5509 المحفوظة في المكتبة الوطنية في مدريد (إسبانيا)، هي نسخة قديمة مكتوبة في مدينة طليطلة في القرن الثاني عشر أو الثالث عشر وهوامشها مليئة بالملاحظات المكتوبة باللغات الإسبانية والعبرية والعربية، وتتكون من 140، صفحة . والناقل من هذا الكتاب.د.أمادور دياث غارسيا،أسبانيا.
([4]) علم الدواء ،( ص:15 ).
([5]) راجع :مجلة الإعجاز العلمي مقال.د.محمد عبد المنعم ، (العدد24،جماد الأولى1427-2006م)-(ص:60).
([6]) أنظر: كتاب علم الأدوية.
ليست هناك تعليقات